مشروع مصنع للأسمنت

 

نظرا للتوسع العمراني الكبير الذي نشهده في الوقت الراهن نتيجة لازدياد عدد السكان و ارتفاع متوسط عمر الفرد و تحسن الحالة المعيشة بشكل عام للأفراد لذا فقد أصبح الطلب على مواد البناء ملحا أكثر من أي وقت آخر و خصوصا على الاسمنت كونه يدخل في البناء بشكل أساسي …

و نظرا لزيادة الطلب على الاسمنت فقد بشكل عام ليس في سوريا فقط بل في كل دول العالم كما تشير الإحصائيات فقد أدى ذلك إلى ازدياد سعر الاسمنت في الدول الرأسمالية التي تصدر الاسمنت للدول الأخرى التي تتبع أسلوب اشتراكي في تحديد الأسعار مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الاسمنت في كل دول العالم ..

و بالتالي ارتفاع سعر الواردات من الاسمنت أي انخفاض المردود من تلك الواردات و ارتفاع تكاليف البناء و هذا بدوره له مردودات اقتصادية و اجتماعية أخرى مثل ارتفاع الأسعار و الإيجار للأبنية و الشقق و المحلات التجارية…بل و مواد البناء الأخرى أيضا كالحديد و الخشب..

لذلك أجد أن أفضل سبيل للحد من هذا الارتفاع الكبير في أسعار السلع البنائية ” التشييدية” هي بالاعتماد على مبدأ الاكتفاء الذاتي فالمشكلة بالأساس ناجمة من ارتفاع سعر الواردات و بالتالي تحل هذه المشكلة أو يخفف منها   بالالتجاء إلى إنشاء مصنع للإسمنت بالاعتماد على الموارد الطبيعية و البشرية المحلية المتاحة قدر الإمكان…..

و تتمثل هذه الموارد المتاحة – البشرية و الطبيعية- بما تملكه الدولة من قوى عاملة و مواد أولية لصناعة الاسمنت و نظرا لكون هذه المواد نادرة بشكل عام في سوريا لتمركزها في بعض المناطق دون سواها لذلك أجد من الضروري جدا تحديد مكان ذلك المصنع بدقة و ذلك باختيار المكان الأغزر من ناحية الموارد و الأقرب للمنافذ التسويقية و لهذا هدفان :

الأول: تامين كمية غزيرة من الاسمنت و هذا بفضل اختيار مكان يحوي كمية كبيرة من المواد الأولية للصناعة

الثاني: تسويق الاسمنت المنتج مباشرة الى أماكن استخدامه بفضل المنافذ التسويقية القريبة من مكان المصنع إذ أن قرب المنافذ التسويقية من المصنع تؤدي الى تخفيض تكاليف التسويق مقارنة بالمنافذ البعيدة كما تؤدي إلى سرعة التسويق أيضا مقارنة بالمنافذ البعيدة عن المصنع..

إن الموضوع الذي سأناقشه في حلقة البحث هذه إنشاء مصنع للإسمنت و تبيان مراحل دراسة هذا المشروع و تأثير التضخم على السلع التي ينتجها و هي الاسمنت و تأثير الكفاءة الحدية للاستثمار في إمكانية زيادة الاستثمار.

و هناك نقطة هامة جدا و هي أن دراسة أي مشروع اقتصادي لا يمكن أن تتم بمعزل عن دراسة كافة الجوانب التي تساهم في المشروع.. فلا بد من دراسة الجوانب الأخرى التي لها علاقة وثيقة بالمشروع قيد الدراسة و سأورد هذه الجوانب بشكل موجز و أدرسها من وجهة علاقتها بالموضوع الأساسي قيد الدراسة و أركز على الموضوع الأساسي..

أولا: مراحل إنشاء المصنع:

لاستخدام تجهيزات و آلات أكثر تقنية لا بد من تنظيم دقيق و وضع استراتيجيات للمدى الطويل الأجل و هذا يترافق مع الحاجة إلى توفير رأس المال و زيادة مستوى التعليم و تخريج الكوادر العلمية من مختلف الاختصاصات و خصوصا الاختصاصات الحساسة التي تهمنا داخلا لمصنع..

إن اختيار موقع المصنع يلعب دورا هاما في كمية التكاليف و إمكانات تسويق السلعة ، و عند اختيار موقع المصنع يجب الأخذ بعين الاعتبار مجموعة عوامل:

1-     توفر الموارد البشرية من مختلف الاختصاصات و المهارات و لكن ليس من الضروري جدا إقامة المصنع في مكان تتوافر فيه اليد العاملة المؤهلة إذ انه يمكن إقامة المصنع في مكان آخر و هذا يتوقف على البدائل المتاحة لدينا و أولويتها و يمكننا استخدام يد عاملة من مناطق أخرى إذا كانت تكاليف هذه اليد العاملة معقولة..

2-     توفر المواد الأولية: نظرا لأهمية المواد الأولية في المصنع قيد الدراسة إذ أن مقدار توفر المراد الأولية له تأثير كبير على إمكانية الإنتاج أولا، و على استمرارية المصنع في الإنتاج ثانيا..، و من جهة أخرى فإن تكاليف المواد الأولية و نقلها تمثل نسبة كبيرة من تكلفة السلعة المنتجة.

3-     القرب من أسواق التصريف:

من العوامل الهامة جدا لاختيار موقع المصنع هو القرب من أسواق التصريف ، حيث أن المنشأة تنتج لتصرف منتجاتها ، و بالتالي فإن مقدار الطلب في السوق يؤثر على كميات الإنتاج ، و من جهة أخرى فإن تكاليف السلعة و قد تصل إلى أكثر من 20% من التكلفة الكلية .

ونجد سوقين للتصريف: السوق المحلي و الخارجي:

فأما بالنسبة للسوق المحلي فإن إقامة المصنع يكون بالقرب من أماكن الطلب.

أما عندما يتعامل المنتج مع أسواق خارجية، فيستحسن أن يقام المصنع بالقرب من منافذ التصدير ( المرافئ – المطارات – السكك الحديدية )

4-     عوامل أخرى: مثل توفر الأراضي لإقامة المصنع و الساحات و المخازن و المياه و الكهرباء و الطاقة و شبكة المواصلات و غيرها.

بعد الأخذ بعين الاعتبار كل الخطوات السابقة و اختيار الخطوات التي تنسجم مع بعضها في  خدمة المشروع قيد الدراسة نكون قد أنشانا مصنعا للإسمنت و نحتاج بعد ذلك لدراسة إنتاجية هذا المصنع و إمكانية تطويره و ذلك بالاعتماد على  مفهوم  الكفاءة الحدية للاستثمار ..

 حيث تعبر الكفاءة الحدية للاستثمار عن معدل الغلة المنتظرة لوحدة سلعة إنتاجية إضافية و إذا كان معدل الغلة المنتظرة أعلى من سعر الفائدة يكون الاستثمار مربحا كذلك إذا كانت قيمة السلعة الإنتاجية الإضافية أكبر من كلفة الإحلال يكون الاستثمار مربحا أيضا.

إن قيمة السلعة الإنتاجية الإضافية تحددها الغلة المنتظرة مقدرة حاليا بطرح الفوائد فإذا كانت هذه القيمة أعلى من كلفة إحلال السلعة الإنتاجية يكون الاستثمار مربحا.

فإذا افترضنا أن الشركة تفكر في القيام باستثمار يتمثل في إضافة آلة جديدة للشركة فإنها لكي تقرر شراء الآلة أو عدم شرائها –علما بأنها تسعى إلى تحقيق أكبر كمية ممكنة من الأرباح – فإن هذا القار يتطلب منها تقدير الإيراد النقدي من جراء بيع كمية الإنتاج العيني الذي تخرجه الآلة ….هذا من ناحية و من ناحية ثانية عليها أن تقدر نفقات الإنتاج أو التشغيل من جراء تركيب الآلة في مكان ما من الشركة و لتقدير الإيراد النقدي يتوقف ذلك على عاملين:

الأول النتاج العيني  physical product  للآلة طول عمرها الإنتاجي

الثاني الأسعار التي يمكن أن تباع بها المنتجات حاليا و مستقبلا.

أما بالنسبة للناتج العيني للآلة فهو سهل التقدير من الناحية الفنية على اعتبار أنه يتوقف على العمر الفني للآلة (عادة عدد من السنوات) و على الطاقة الإنتاجية التي يمكن تحديدها بدقة.

أما من الناحية الاقتصادية فإن التشغيل الفعلي للآلة يتوقف على ظروف الطلب على السلعة المنتجة فقد يقل قليلا أو كثيرا عن الطاقة الإنتاجية القصوى لهذه الآلة. كذلك نجد أن العمر الاقتصادي للآلة قد يقل عن عمرها الفني الذي حدده لها صناعها إذ قد تضطر الشركة إلى بيع  الآلة قبل انتهاء عمرها الفني و ذلك نتيجة تغيرات تكنولوجية هامة تقلل من شأن هذه الآلة أو من الطلب على السلع التي تنتجها ..

من هنا نستنتج أن الاعتبارات الاقتصادية هي التي تقرر عمرها الإنتاجي أو الاقتصادي في النهاية و ذلك من خلال الفترة الطويلة.

و فيما يتعلق بالعامل الثاني ( الأسعار الحالية والمستقبلية ) فهو يتوقف على ظروف المنافسة السائدة في السوق فكلما قلت درجة المنافسة في السوق أو كلما كانت الطاقة الإنتاجية للشركة كبيرة بالنسبة للشركات الأخرى القائمة كلما اشتدت درجة تحكم الشركة في الأسعار و سيتوقف الإيراد الحدي للشركة المستثمرة لهذه الآلة على درجة تحكمها بالأسعار أو في كمية الناتج العيني للآلة.

و كلن من ناحية أخرى كلما زادت درجة المنافسة في السوق أو كلما كانت الطاقة الإنتاجية للشركة صغيرة بالنسبة للمشروعات المتنافسة كلما قلت درجة تحكم الشركة بالأسعار الجارية أو كلما اضطرت إلى أخذ هذه الأسعار مأخذ التسليم.

و في هذه الظروف فإن تقدير الإيراد النقدي للشركة يتوقف على ما يمكن أن تبيعه من إنتاج و ذلك بالأسعار الجارية.

بالإضافة إلى ما سبق فلا بد من تقدير تغيرات الأسعار في المستقبل و ذلك طوال العمر الاقتصادي المتوقع للآلة و اتجاه الأسعار في المستقبل يتوقف على التغيرات المحتملة في ظروف المنافسة السائدة في السوق فإذا كانت المنافسة ستزداد بقيمة دخول عدد من الشركات إلى السوق فإن الأسعار ستنخفض , أما إذا خضع السوق إلى عدد قليل من الشركات فإن الأسعار  ستأخذ بالارتفاع.

و يقع عبء دراسة هذه المشاكل في الشركة على الجهات الإدارية المختصة (إدارة التسويق و المبيعات) و ذلك من اجل تقدير إيراد الآلة الجديدة خلال فترة تشغيلها.

و هنا يمكن القول إن التوقعات و التنبؤ بالإيراد من الاستثمار في آلة جديدة في المدى القصير تكون أكثر استقرارا من توقعات طويلة الأجل و ذلك نتيجة التغيرات في الظروف المحيطة و التي يصعب التكهن بها بدقة.

أما الإيراد النقدي الذي تتوقع الشركة الحصول عليه من استخدام آلة جديدة يعد إيرادا إجماليا ما لم يستقطع منه كافة النفقات النقدية للمدخلات inputs  التي يستلزمها تحقيق الناتج العيني من هذه الآلة.

لذلك لابد أن تقوم الجهات المسؤولة في الشركة بعمل تقدير نفقة المدخلان و هذا سيكون سهلا من الناحية الفنية كما هو الحال بالنسبة للطاقة الإنتاجية للآلة

.

أما من الناحية الاقتصادية فإن الكميات العينية من المدخلات يتوقف على التشغيل الفعلي للآلة و على العمر الاقتصادي لها أما  بالنسبة  لأسعار المدخلات فإن تقديرها بالنسبة للفترة الجارية أمر لا تكتنفه صعاب تذكر ، و لكن التقدير لفترة مستقبلة طويلة المدى يخضع للتكهن و يتضمن درجة كبيرة من عدم التأكد.

لذلك فإن تقدير هذه المدخلات من أجل الحصول على الإيراد النقدي المتوقع للآلة الجديدة يعتمد على مدى كفاءة الخبراء الاقتصاديين في هذ1 المجال .

و لكن على الرغم من الصعوبات التي تعترض جميع التقديرات السابقة و ذلك لتقدير الإيراد النقدي للآلة الجديدة المزمع شراؤها من قبل الشركة فإن إنجازها ضروري من قبل المنظمين في الشركة و ذلك من أجل تقدير الإيراد الصافي المتوقع من الآلة  خلال عمرها الاقتصادي و يجب أن الفت الانتباه هنا بأن نفقات المدخلات عند تقدير إيراد الآلة لن يدخل فيها نفقات الاستهلاك الرأسمالي للآلة .Decepeciation cost   و معني هذا أن الإيراد الصافي المتوقع (الإيراد النقدي المتوقع من مبيعات الإنتاج – النفقات النقدية للمدخلات) لا بد أن يتضمن القيمة النقدية الحاضرة للآلة أو ثمن شرائها.

و بشكل عام إذا رمزنا لمعدل الفائدة (معدل الإيراد)  بالرمز “ر”

و نسبة الإيراد الصافي المتوقع بالرمز “غ” و القيمة الحاضرة للآلة “ل”

فيكون لدينا:

ر= غ ÷ ل   …………………………………(1)

و يمكن كتابه هذه الصيغة بشكل آخر

غ = ل × ر  …………………………………(2)

أي إنه إذا وفر لدى الشركة مبلغ من النقود مقداره (ل) و استثمر بالمعدل (ر) و الذي هو عبارة عن نسبة مئوية فإن هذا المبلغ سوف يتراكم إلى المقدار (غ) و ذلك بعد عدد من السنوات (ف) و التي تمثل العمر الاقتصادي للآلة المستثمرة.

و لكن عندما نحسب ( ر) بهذه الطريقة البسيطة فإننا نأخذ بمبدأ الفائدة البسيطة و ليس الفائدة المركبة compound interest التي يتعامل بها المقرضون و المصارف و المشروعات في الحياة العملية.

فإذا كان المصنع لديه مبلغ مقداره (ل) و أودعه في احد المصارف بفائدة مركبة بمعدل( ف%) فهذا يحكم علينا أن نحسب الإيراد المتحصل في نهاية عدد السنوات (n) و التي تمثل كما قلنا العمر الاقتصادي للآلة على النحو التالي:

ل (1+ف) ⁿ  = غ …………………………(3)

و لحساب معدل العائد من الاستثمار (ر) بهذه الطريقة فإننا نستطيع أن نكتب من خلال المعادلتين (2) و (3) المعادلة الجديدة التالية

ل ( 1+ر) ⁿ  =غ …………………………(4)

فعندما نعلم كلا من   غ ، ل فإنه يمكننا تقدير العائد (ر)

و إن قرار الاستثمار أي شراء الآلة أو عدم شرائها من قبل الشركة يعود إلى نتيجة المقارنة بين (ر) عندما نحصل عليها من المعادلة السابقة مع سعر الفائدة الجاري (ف) فإذا كانت (ر) أكبر أو تساوي (ف) فإن الشركة سوف تقدم على هذا الاستثمار و تقوم بشراء الآلة و تشغيلها ،أما إذا كانت (ر) أصغر من (ف) فإن الشركة لن تقوم بالاستثمار و لن تشتري الآلة.

من هنا نستطيع أن نحدد إمكانية توسيع المصنع أو عدم فعل ذلك و لكن يبقى لدينا سؤال و هو ما تأثير التضخم على ربحية المصنع و على إمكانية تطوير الإنتاج؟ هل التضخم في صالحنا أم ليس كذلك؟ و هل يؤثر على زمن و كلفة بناء المشروع وكيف؟

و للإجابة على هذا السؤال لا بد من توضيح آثار التضخم بشكل عام مجرد على كل القطاعات و الشرائح الاجتماعية الاقتصادية و منه نعلم تأثيره على المشروع ..

يمكننا توضيح أهم الآثار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للتضخم وفقاً لما يلي:

يتعرض أصحاب الدخل المحدود لأكثر الآثار السلبية للتضخم، وذلك بسبب انخفاض الدخل الحقيقي الذي يحصلون عليه نظراً لارتفاع الأسعار وانخفاض القوة الشرائية للوحدة النقدية. تسارع العملية التضخمية (السباق بين الأسعار والأجور):

إن ارتفاع الأسعار سيؤدي إلى انخفاض الاستهلاك الحقيقي لذوي الدخل المحدود وبخاصة العمال الذين يحصلون على دخولهم من العمل (الأجور). لذلك سيحاول العمال زيادة أجورهم النقدية لتعويض الارتفاع في الأسعار وزيادة تكاليف المعيشة، وإذا حصل العمال على زيادة الأجور سيؤدي ذلك إلى ارتفاع التكاليف المتغيرة للإنتاج، ولذلك سيحاول المستحدث أو المنظم زيادة الأسعار من جديد. وهذا يؤدي إلى زيادة التضخم فزيادة الأسعار يؤدي إلى زيادة تكاليف المعيشة أكثر، فيطالب العمال بأجور أعلى، وبهذه الطريقة يحدث السباق بين الأجور والأسعار وتكتسب عملية الارتفاع التضخمي في الأسعار قوة دافعة. وإذا استمر ذلك فإنه سيؤدي إلى حدوث التضخم الجامح، الذي بمثل سباق محموم بين الأجور والأسعار.

قسم كينز المجتمع إلى ثلاث طبقات رئيسة هي:

• فئة الرأسماليين المستثمرين،

• فئة المنظمين أو المستحدثين،

• فئة العمال كاسبي الأجور والمرتبات.

وعندما نرغب بتوضيح آثار التضخم والتغير في الأسعار، يمكننا أن ندرس كيف تؤثر التغيرات في الأسعار أو في قيمة النقود على الفئات الثلاث المذكورة أعلاه. فإذا ارتفع مستوى الأسعار، يكون المتضرر من جراء ذلك فئة المستثمرين وأصحاب الدخول الثابتة، لأنهم سوف يشترون بدخلهم سلعاً وخدمات أقل من ذي قبل. ويستفيد من ارتفاع مستوى الأسعار فئة رجال الأعمال والمنظمين وذلك بسبب ارتفاع أسعار منتجاتهم وثبات تكاليف إنتاجهم أو تخلفها في الارتفاع. لأن الأجور والمرتبات مثلاً تكون محددة باتفاقيات لا يمكن أن تعدل فوراً، وكذلك مصاريف الإيجار والفائدة تظل أيضاً كما هي. أما الفئة التي تحصل على دخلها لقاء عملها الأجور والمرتبات فإنها تخسر عندما ترتفع الأسعار. لأن أجورهم ومرتباتهم لا ترتفع بالتناظر مع الأسعار، مما يؤدي إلى انخفاض أجورهم الحقيقية.

ويتوضح أثر التغير في الأسعار على المدينين والدائنين وفقاً لما يلي: عندما ترتفع الأسعار، يستفيد من ذلك المدينون لأن الديون تسدد عن طريق بيع السلع والخدمات. وفي حال كون المدين منتجاً، فإنه يتنازل عن كمية أقل من إنتاجه لتسديد مبلغ معين من الدين. وفي حال كون المدين عاملاً، فإن كمية العمل اللازمة لتسديد دين معين ستكون أقل في حال ارتفاع الأسعار.

أما في حال انخفاض الأسعار فإن المدينين يخسرون، لأن عليهم تخصيص كميات أكبر من السلع والخدمات لتسديد دين معين. ويكسب الدائنون لأن النقود التي يستردونها ستمكنهم من شراء كميات من السلع والخدمات أكثر مما كانت تشتري حين إقراضها. وكذلك العمال يخسرون، لأن كمية العمل اللازمة لتسديد دين معين ستزداد في حال انخفاض الأسعار.

(وعلى العموم، يمكننا أن نقول بوجه عام، أن جميع المدينين يكسبون من ارتفاع الأسعار ويخسرون من انخفاض الأسعار، طالما أن التزاماتهم النقدية الثابتة تعني أكثر بدلالة السلع والخدمات عندما تنخفض الأسعار، وأقل عندما ترتفع الأسعار. والدائنون من الناحية الأخرى، يكسبون عندما تنخفض الأسعار، ويخسرون عندما ترتفع الأسعار).( )

وسيكون أثر ارتفاع الأسعار على جماعة المستهلكين سلبياً، والسبب في ذلك أنهم يحصلون على كميات أقل من السلع والخدمات بنفس المبلغ من الدخل النقدي الذي يحصلون عليه. ويكسب المستهلكون في حال انخفاض الأسعار، لأنهم يشترون كميات أكثر من السلع والخدمات، بنفس الدخل النقدي الذي يحصلون عليه ويكونوا قادرين على تحسين مستوى معيشتهم.

إن تغير الأسعار الزائد عن الحد في أي من الاتجاهين سيكون له أثراً سيئاً على المشروعات الاقتصادية، طالما أنها تثير الكثير من الشكوك بخصوص التوقعات المستقبلية. لذلك فالمحافظة على استقرار نسبي في الأسعار يعد أمراً ضرورياً لتحقيق تنمية مستدامة.

و من خلال هذه الدراسة للتضخم و آثاره على الطبقات المذكورة نجد أن المصنع يتأثر سلبيا إذا حصل ارتفاع الأسعار في فترة شراء القطع الرأسمالية و مواد الإنتاج و ذلك لأنه سيشتريها بسعر مرتفع و تعود للانخفاض بعد ذلك ليس بسبب زوال التضخم فيما بعد بل بسبب أنها سلع تتعرض للاهتلاك بالأساس و تنخفض قيمتها رأسماليا و اقتصاديا..

و يكون التضخم أي ارتفاع الأسعار مفيدا من الناحية الربحية للمنشأة في حال تم في فترة الإنتاج و التصنيع لأن الأسعار سترتفع في حين أن التكاليف كانت اقل بكثير من التكاليف الموجود في فترة التضخم مما يحقق ربحا كبيرا للمصنع..

و بالتالي من حيث زمن إنشاء المشروع فإن فترة التضخم فترة سلبية جدا لإنشاء المشروع لأنه في هذه الفترة تكون كلفة القطع الرأسمالية مرتفعة كما أن أجور العمال ستكون مرتفعة أيضا نتيجة ضغط النقابات العمالية لزيادة الأجور بسبب ارتفاع الأسعار…

أما من ناحية الكلفة فكما رأينا أن ارتفاع الأسعار يعني ارتفاع الكلفة و بالتالي انخفاض الربحية و زيادة الخسارة……

و بالتالي من خلال دراستي لهذا المشروع في إطار الموضوع الذي طرحته أجد أن العامل الأمثل لإنشاء مصنع هو اختيار الشروط الأساسية الفنية و التقنية لإنشاء مصنع في المكان المناسب و تحديد الكفاءة الحدية للاستثمار و رصد حركة السوق و مراقبة مؤشرات البورصة و الطلب و العرض على السلع كافة و خصوصا ما يتعلق بالمشروع و ذلك للتنبؤ بالأسعار المستقبلية و خصوصا في هذا الزمن الذي غلب عليه ظاهرة التضخم و بالتالي فإن اخذ العوامل السابقة بعين الاعتبار يؤدي إلى الاختيار السليم  لكلفة و زمان  تنفيذ المشروع بما يؤدي إلى الحصول على اكبر مردود بتكاليف قليلة و بزمن قصير فنحقق بذلك أكبر مستوى نطمح إليه من الإنتاجية .

منقول من

http://www.aamerkh.com/?p=91