تُعتبر صناعة الحديد والصلب من الصناعات الاستراتيجية الهامة لأي مجتمع، وذلك لأنها تقوم بدور رئيسي في التنمية الصناعية والاقتصادية، نتيجة وجود علاقة طردية بين كمية الاستهلاك من مُنتجات الصلب والنمو الاقتصادي للدولة، حيث يزداد الاستهلاك من الصلب خلال بداية مراحل التنمية الاقتصادية ويكون التركيز على مشروعات البنية الأساسية والإنشاءات والمشروعات الصناعية، ومن ثم تُصبح الاحتياجات من الصلب كبيرة وتكون في شكل مُنتجات نهائية طولية مثل حديد التسليح.
ويُعرف مدى تقدم الدول اقتصاديا من خلال حساب نصيب الفرد من الحديد ففي الدول الصناعية المُتقدمة يزداد نصيب الفرد من الحديد عن 750كجم / سنويا في حين ينخفض نصيب الفرد عن ذلك بكثير حتى يصل إلى أقل من 10 كجم / سنويا.
ويحتل الحديد المرتبة الرابعة من حيث توافر عناصره في القشرة الأرضية، وهو من الفلزات القابلة للطرق والسحب، كما يُعد الحديد من أكثر العناصر الكيميائية استقرارا نتيجة توازن القوة الكهرومغناطيسية والقوة النووية داخل نواة الذرة، وهو من أقوى الفلزات وأكثرها استخداما في الأغراض الهندسية.
أهمية صناعة الحديد والصلب:
ترجع أهمية صناعة الحديد والصلب إلى ارتباطها الوثيق وتتداخلها في العديد من الصناعات الأخرى مثل:
- صناعات تُساعد على تطور صناعة الحديد والصلب مثل صناعة التعدين والحراريات والسبائك الحديدية.
- صناعات تستخدم مُنتجات الحديد مثل صناعة السُفن والسيارات والأجهزة المنزلية والمُعلبات وصناعة المُعدات والعديد من الصناعات الهندسية الأخرى.
كما نجد أيضا أن هناك علاقة وثيقة بين صناعة الحديد والصلب ومشروعات المرافق والخدمات مثل مشروعات المياه والصرف الصحي، والتي تستعمل مواسير الصلب بالإضافة إلى قطاع البترول والغاز الطبيعي والذي يستهلك كميات كبيرة جدا من مواسير الصلب خلال عمليات الحفر والاستكشاف وخطوط النقل ويتركز استهلاك الصناعات الهندسية وقطاع البترول ومرافق المياه والصرف الصحي عادة ً في منتجات الصلب المُسطحة.
وتكمن أهمية صناعة الحديد والصلب أيضا في أنها تتيح فرص عمالة جديدة، حيث لايقتصر دورها على تلبية احتياجاتها الخاصة فقط، بل يمتد دورها إلى إيجاد فرص عمالة في الصناعات الأخرى المُرتبطة بها، ومن المعروف إحصائيا أن كل فرصة عمل في صناعة الحديد والصلب توفر حوالي تسع فرص للعمل في الصناعات الأخرى، كما أن كل وحدة استثمار في صناعة الحديد والصلب توفر فرص استثمار مُضاعفة.
أنواع الصلب:
الصلب هو الحديد الذي يحتوي على نسبة كربون أقل من 2%، ويُمكن تقسيم انواع الصُلب كالتالي:
صلب كربوني ويحتوي على:
صلب مُنخفض الكربون:
وهو صلب تصل نسبة الكربون فيه إلى 0.25% ويتم إضافة بعض العناصر لتحسين الخواص الميكانيكية مثل النحاس والفاناديوم والنيكل.
ويتم استخدام هذا الصلب في صناعة الكباري وأعمدة الدُعامات وأوعية الضغط.
صلب متوسط الكربون:
ويحتوي هذا الصلب على كربون بنسبة من 0.25% إلى 0.6% وتتم مُعالجة هذا النوع من الصلب بعمل تبريد سريع له حيث يؤدي ذلك إلى تحسين خواصه الميكانيكية، كما تتم إضافة بعض العناصر إليه لتكوين سبائك مختلفة ذات خواص ميكانيكية جيدة، ومن هذه العناصر الكروم والمولبيدنيوم.
ويُستخدم هذا الصلب في صناعة التروس وفي صناعة أعمدة نقل الحركة وعجلات قطار السكك الحديدية.
صلب عالي الكربون:
وتتراوح فيه نسبة الكربون ما بين 0.6% إلى 1.4% وقد يُضاف إليه بعض العناصر مثل الكروم والفاناديوم لزيادة مقاومته للبري والتآكل.
ويُستعمل هذا النوع في صناعة أدوات القطع المُختلفة وصناعة الأدوات التي المستخدمة في آلات التشغيل.
صلب درجات الحرارة العالية:
ويُستخدم في صناعة الغلايات لأنه يحتفظ بصلابته ومتانته في درجات الحرارة العالية من 500 إلى 600درجة مئوية.
الصلب الذي لا يصدأ:
ويحتوي على نسبة كربون من 0.1% إلى 0.4% كما يحتوي على 11% كروم و 8% نيكل بالإضافة إلى بعض العناصر مثل النيكل والمولبيدنيوم.
صلب العدة: ويحتوى على نسبة من الكربون أعلى من الإنشاءات، ويُستخدم هذا الصلب في آلات الورش لقطع جميع المواد في الصناعات الهندسية بالخراطة والثقب والكشط والصك وينتج ذلك عن طريق إضافات من الكروم والمولبيدنيوم والكوبالت والفاناديوم.
تطور صناعة الحديد والصلب في مصر:
مرت صناعة الحديد والصلب في مصر بثلاث مراحل شهدت خلالهم تطورا كبيرا.
المرحلة الأولى في صناعة الحديد والصلب:
كان الاعتماد الأكبر في هذه المرحلة على الخُردة الناتجة من آثار الحرب العالمية الثانية من خلال استخدام أفران مفتوحة وأفران القوس الكهربي في صُنع الحديد وتوافرت بعد ذلك مُستلزمات صناعة الحديد والصلب من آلات ومُعدات.
وفي تلك الفترة بدأت المصانع الأوروبية تقوم ببيع مُعداتها القديمة بأسعار زهيدة لا تتجاوز سعر الخُردة، ومن ثم قامت صناعة الحديد والصلب في تلك الفترة على أساس نصف مُتكامل لإنتاج حديد التسليح.
ورغم ذلك كانت الصناعة غير مُستقرة في تلك الفترة وأصبحت مُهددة بالتوقف، ومن هنا أصبح هناك حاجة مُلحة لإقامة صناعة الحديد والصُلب على أساس مُتكامل باستخدام خامات الحديد المحلية.
المرحلة الثانية في صناعة الحديد والصلب:
في هذه المرحلة تطورت صناعة الحديد والصلب وتم تحديثها وتوسيعها سواء على النطاق المُتكامل أو نصف المُتكامل، وتغيرت في هذه المرحلة مفاهيم كثيرة كانت مؤثرة في القرارات المُتعلقة بتلك الصناعة، وتميزت هذه المرحلة بتوافر الخامات المحلية والأيدي العاملة الرخيصة.
المرحلة الثالثة في صناعة الحديد والصلب:
وتمثلت هذه المرحلة في استخدام تكنولوجيا الاختزال المباشر وأفران الكهرباء.
واعتمد أول مشروع مُتكامل للحديد والصلب في مصر على استغلال خامات أسوان والذي كان من المُفترض أن يكون تحليله 47.4% حديد، 11.4% سليكا كما كان من المُفترض أن يكون التغير في هذه النسب 1% إلا أن متوسط تحليل الحديد الناتج من مناجم أسوان كانت في حدود 44%.
أحدث التعليقات