التمويل العقاري

يُعد التمويل العقاري من الدعائم الأساسية التي تساهم في تحقيق النهضة الاقتصادية في المجتمعات العمرانية، كما يقوم التمويل العقاري بإرساء نظام اقتصادي جديد يهتم بمقدرات الأفراد والمجتمع، ويقوم التمويل العقاري أيضا برصد أسباب مشكلة الإسكان و حل هذه  المشكلة، عن طريق استغلال الموارد الاقتصادية المتاحة، ويعتبر التمويل العقاري هو المنقذ الاستثماري الوحيد في العديد من الدول المتقدمة، وذلك بعد الخسائر الاقتصادية الكبيرة التي تكبدتها دول العالم.

ماهو التمويل العقاري؟

هو شراء ملكية عقارية عن طريق التقسيط الذي قد يمتد إلى أعوام عديدة يتم خلالها استخدام العقار كضمان للتمويل.

ويضم التمويل العقاري ثلاثة أطراف رئيسية هم:

الطرف الأول: المالك الأصلي الذي يقيم العقار أو الوحدة السكنية.

الطرف الثاني: المشتري أو المستثمر الذي يقوم بشراء العقار أو الوحدة السكنية .

الطرف الثالث: الممول وهو الذي يقوم بتمويل ثمن العقار أو الوحدة السكنية للبائع.

ويقوم التمويل العقاري بتقسيط الجزء الأكبر من ثمن العقار، وهذا النظام معمول به في القانون المدني لأغلب الدول في العالم، ويُعد السبب الرئيسي لنجاح نظام التمويل العقاري هو سرعة تنفيذ الأحكام والإجراءات القانونية السريعة على العقار الضامن، وذلك في حالة تخلف المستثمر عن سداد الأقساط الملزمة عليه.

كيفية الحصول على قروض التمويل العقاري:

الخطوة الأولى للحصول على قروض التمويل العقاري:

تحديد الإمكانيات المادية لدى المستثمر.

الخطوة الثانية للحصول على قروض التمويل العقاري:

اختيار العقار المناسب ويُشترط أن يكون مسجل في الشهر العقاري.

الخطوة الثالثة للحصول على قروض التمويل العقاري:

المستندات المطلوبة للحصول على التمويل العقاري.

وهذه المستندات تنقسم إلى قسمين فرعيين:

مستندات خاصة بالمستثمر: وتحتوي هذه المستندات على مفردات المرتب، و بطاقة الرقم القومي الخاصة بالمستثمر أو جواز السفر.

مستندات خاصة بالعقار: وهي عبارة عن صورة من مستند ملكية العقار بشرط أن يكون مسجل، بالإضافة إلى صورة ترخيص بناء العقار المراد تمويله، وشهادة الضرائب العقارية، علاوة على وجود شهادة تثبت التصرف العقاري للعقار المراد تمويله لمدة عشر سنوات وهذه الشهادة يتم الحصول عليها عن طريق الشهر العقاري.

ويتم تقديم هذه المستندات إلى البنك أو شركة التمويل من قبل مالك العقار وبصحبته المستثمر .

الخطوة الرابعة للحصول على قروض التمويل العقاري:

اختيار وسيط التمويل العقاري

ويقوم هذا الوسيط بدور رئيسي حيث يساعد المشتري أو المستثمر على تحديد العقار الملائم لظروفه المادية، وتحديد الأقساط التي يقدر على سدادها ومدة سداد هذه الأقساط.

ولكي يقوم المستثمر باختيار وسيط التمويل العقاري عليه أن يتصل بالهيئة العامة لشئون التمويل العقاري أو يتصل بشركات التمويل، وسيحصل على قائمة وسطاء التمويل العقاري المعتمدين لديهم، وهو من يقوم بالاختيار، كما يمكنه أيضا اختيار الوسطاء الموجودين في العقار الذي يود شراؤه.

الخطوة الخامسة للحصول على قروض التمويل العقاري:

طلب التمويل من جهات التمويل العقاري.

وفي هذه الخطوة يقوم المستثمر بملء طلب التمويل وتقديمه إلى شركات التمويل أو البنوك مصحوب بالأوراق والمستندات المطلوبة، ويُمكن أن يقوم وسيط التمويل العقاري بملء طلب التمويل نيابةً عن المستثمر، وتعتبر الخدمات التي يقدمها وسيط التمويل ” مجانية” فالجهة الوحيدة التي تتحمل هذه الخدمات هي جهات التمويل الخاصة سواء شركات التمويل أو الهيئة العامة لشئون التمويل العقاري.

وبعد أن يقوم المستثمر أو وسيط التمويل العقاري بتقديم المستندات ؛ يتم بعد ذلك التأكد من مدى صحة هذه المستندات ودراسة طلب التمويل، ومن ثم إعلام المستثمر بقبول الطلب أو رفضه.

الخطوة السادسة للحصول على قروض التمويل العقاري:

تقييم سعر العقار.

وفي هذه الخطوة يقوم المستثمر أو المشتري بعمل تقرير يقوم فيه بتقييم سعر العقار ويساعده في إعداد هذا التقرير أحد خبراء التقييم العقاري المعتمدين من قبل الهيئة العامة لشئون التمويل العقاري، ويتحمل المستثمر تكاليف هذا التقييم التي تضاف إلى مبلغ التمويل.

الخطوة السابعة للحصول على قروض التمويل العقاري:

وهي توقيع العقد بين الأطراف الثلاثة السالف ذكرهم، حيث يتم توقيع اتفاق التمويل لنقل ملكية العقار باسم المستثمر، ويشمل هذا العقد توقيع الأطراف الثلاثة ( مستثمر- مالك العقار- جهة التمويل) ويقوم المستثمر بالاحتفاظ بنسخة من العقد، وذلك للرجوع إليها عندما يتطلب ذلك .

الخطوة الثامنة للحصول على قروض التمويل العقاري:

التأمين لحفظ حقوق المستثمر.

وهذا التأمين يوفر الحماية للمستثمر وأسرته، وطوال فترة سداد الأقساط من قبل المستثمر يستمر التأمين.

الخطوة التاسعة للحصول على قروض التمويل العقاري:

تسجيل الملكية العقارية.

وتبدأ هذه الخطوة بعد الانتهاء من عملية التمويل، وبمجرد أن يقوم المستثمر بتسجيل العقار في الشهر العقاري يصبح هو المالك الجديد وينتهي دور المالك القديم .

صندوق ضمان ودعم التمويل العقاري:

ويهدف هذا الصندوق إلى دعم الأشخاص ذوي الدخل المنخفض الذين يرغبون في شراء وحدات سكنية عن طريق خفض قيمة التمويل العقاري إلى القيمة التي يستطيع المستثمر سدادها، وهو يقوم بتخفيض ما يقرب من 15% من قيمة الوحدة السكنية بحد أقصى 10ألاف جنيه مصري، كما يؤدي إلى خفض الأقساط الشهرية إلى معدل لايتجاوز ربع الدخل الشهري للمستثمر.

كما يقوم الصندوق أيضا بتغطية جزء من المبلغ الذي يتخلف المستثمر عن سداده يصل إلى 3 شهور كل 5 سنوات فترة سداد الأقساط الملزمة.

المستندات المطلوبة عند طلب تمويل من صندوق ضمان ودعم التمويل العقاري:

بطاقة الرقم القومي أو البطاقة العائلية.

معلومات عن راتب المستثمر ومصادر الدخل الأخرى إن وجدت.

عنوان الوحدة السكنية وبيانات التسجيل والترخيص ومواصفات هذه الوحدة.

تقرير تقييم الوحدة السكنية المقدم من قبل خبير التقييم العقاري.

تقرير تخصيص الدعم إلى المستثمر وإخطار جهة التمويل.

تقديم نموذج اعتماد الصندوق المُوقع والذي يؤكد صحة المعلومات المتوفرة.

طلب الحصول على تمويل من قبل صندوق ضمان ودعم نشاط التمويل العقاري.

الضوابط والمعايير الخاصة  التي تحكم عملية التمويل العقاري:

هناك بعض الضوابط والمعايير التي تحكم عملية التمويل،  والتي لديها تأثير كبير على عملية التمويل العقاري:

أولا: البعد الاجتماعي:

إن البعد الاجتماعي لنظام التمويل العقاري مهم جدا في القضاء على الأثار الاقتصادية السلبية، والتي تتمثل في تغليب مصلحة أحد الأطراف الثلاثة الأمر الذي قد يؤدي إلى نتائج وظواهر سلبية ظهرت في الفترة الأخيرة منها على سبيل المثال ” انتشار العشوائيات ” والمساكن غير المرخصة أو غير المطابقة للمواصفات التي أقرتها وزارة الإسكان، ويُعد من أبرز سمات الخلل العقاري على مستوى دول العالم عدم وجود إمكانيات مادية مناسبة للتمويل العقاري الأمر الذي يؤدي إلى عدم مرونة سوق العقارات من الناحية الاقتصادية، ويظهر ذلك بوضوح في جانبي العرض والطلب بشكل عكسي، فإذا وُجد فائض عرض في المساكن الفاخرة المتميزة مقابل طلب قليل عليها، فإنه يوجد فائض في الطلب على المساكن الشعبية في مقابل نقص عرض على هذه المساكن.

ويلعب البعد الاجتماعي دورا هاما في توفير التهيئة الاجتماعية المناسبة، وتوافر العدالة بين كافة الأطراف من ملاك ومستثمرين.

ثانيا: الإصلاح المؤسسي لسوق التمويل العقاري:

وهو من أهم عناصر الإصلاح في القطاع المالي، وذلك لمعالجة الخلل الموجود في زيادة نسبة المعروض من الوحدات السكنية الفاخرة وارتفاع أسعارها الباهظة والنقص في الوحدات السكنية  الشعبية والعادية.

ثالثا: الأخذ بأراء الفقهاء والمتخصصين في المجالات الاقتصادية ومجالات التنمية الاجتماعية:

من أهم الضوابط التي تحكم عملية التمويل العقاري ومن الواجب اتباعها هي الأخذ بأراء الفقهاء والمتخصصين في المجالات الاقتصادية وأحكام الشريعة الإسلامية، بالإضافة إلى تناول الأبعاد الاجتماعية والتشريعية والدينية، والاهتمام بمحدودي الدخل وبالتالي العمل على حل مشكلة الإسكان والتي تمثل عائقا كبيرا على هذه الفئات، ومن ثم لابد من وجود إطار تشريعي متكامل لنظام التمويل العقاري.

ولابد أن تحتوي التشريعات الخاصة بتلك القوانين على الأحكام العامة للقانون، واتفاق التمويل، وقيد الرهن العقاري، بالإضافة إلى حوالة الحقوق الناشئة عن اتفاق التمويل، ويجب إخضاع شركات التمويل لهيئة رقابية لإيجاد علاقة مابين المالك والمشتري والبنك الممول.

ومن الضروري توافق التمويل العقاري مع أحكام الشريعة فهي المصدر الرئيسي للتشريع في الدول العربية، وبالتالي فإن تعديل القانون كي يتوافق مع أحكام الشريعة يجعله بعيدا عن الطعن والتأكد من أنه ليس محل شك، بالإضافة إلى الكثرة من استخدامه واستعماله لأن ما يخالف الشريعة يبغضه الناس ويحجمون عن التعامل به.

وهناك البعض يرون أن التمويل العقاري أحد الطرق المشروعة والتي تبتعد عن مخالفة الشريعة الإسلامية والسنة النبوية لأن الضمانات الموجودة في هذا المشروع هي مجرد اجتهادات فقهية ليست مُخالفة لأحكام الشريعة، كما أن أحكام التمويل العقاري تستهدف تحقيق مقصد من مقاصد الشرع وهو الحصول على مسكن مناسب بتكلفة مناسبة، كما أن عقد التمويل العقاري يعتبر اتفاق بين المالك والمشتري وبين جهة التمويل وبائع العقار وهى متفقة مع مقاصد الشريعة الإسلامية.

التمويل العقاري في الدول المتقدمة:

تعتبر مؤشرات أسواق التمويل العقاري في الدول المتقدمة في انخفاض مستمر خلال العشر سنوات الأخيرة، وسوف نرصد أهم مؤشرات التمويل العقاري في دول (فرنسا – ألمانيا – الولايات المتحدة الأمريكية).

التمويل العقاري في فرنسا:

كان سوق التمويل العقاري في فرنسا يشهد حالة من النمو والازدهار منذ عام 1999، فقد بلغ معدل النمو خلال هذا العام مايقرب من 6.6%، وبالتالي ارتفع حجم سوق التمويل العقاري في فرنسا إلى 75.5 مليار فرانك فرنسي أى ما يقرب من من 8.1 مليار دولار خلال هذا العام.

وفي عام 2000 بلغت نسبة القروض الممنوحة من قبل البنوك الفرنسية للتمويل العقاري إلى 34.6%، وتصل نسبة القروض التي تمنحها البنوك الفرنسية للأفراد مايقرب من 29% من سوق الأقراض العقاري .

وتواصل قيمة المخصصات النقدية اللازمة للحملات الدعايا والإعلان عن المشروعات وخدمات التمويل العقاري في فرنسا ارتفاعا ملحوظا في الأونة الأخيرة .

التمويل العقاري في ألمانيا: 

أما في ألمانيا فقد شهد سوق التمويل العقاري هناك انخفاضا كبيرا ومؤثرا منذ عام 1999 حيث وصلت نسبة انخفاض المؤشر هناك إلى 18.8%، وتمثل القروض الممنوحة للتمويل هناك القطاع الأكبر من حجم السوق بنسبة تصل إلى 61.8% بقيمة تبلغ 148.5 مليار مارك، حيث تقوم المؤسسات والهيئات الألمانية بتقديم كافة التسهيلات المالية للتمويل العقاري.

كما بلغ حجم الإنفاق على الدعايا والإعلان من قبل البنوك الألمانية للتمويل العقاري نحو 1.12مليار مارك، وتعد البنوك المصدر الأول في تقديم التسهيلات المالية للتمويل العقاري في السوق الألماني .

التمويل العقاري في الولايات المتحدة الأمريكية:

شهدت العشر سنوات الأخيرة انخفاضا ملحوظا في سوق التمويل العقاري الأمريكي وصل إلى 20.4% ففي عام 1999 انخفضت قيمة التمويل العقاري من 1.29 تريليون دولار لتصل إلى 1.0 تريليون دولار وذلك خلال عام واحد فقط بسبب ضعف الاقتصاد الأمريكي وقتها.

وارتفعت عمليات إعادة التمويل العقاري بمقدار 45% خلال عام 2001لكنها انخفضت بعد ذلك إلى 24% مع بداية العام التالي، وحتى وقتنا هذا مازالت عمليات التمويل العقاري في الولايات المتحدة في انخفاض مستمر.

وبذلك نكون قد انتهينا من عرض نماذج التمويل العقاري وأسواقها في ثلاث من الدول المتقدمة.